تغيّر سلوك المستهلكين في الآونة الأخيرة، وتطورت معايير التوصيل، وأصبحت متطلبات السوق أكثر تعقيداً، لا سيما وأن إرضاء الزبائن أصبح يتطلب سرعة وفاعلية من قبل شركات التوصيل أكثر من أي وقتٍ مضى. وكون عملية الميل الأخير هي الأهم في عالم اللوجستيات بشكله الحديث، على الشركات إيجاد الحلول للتقليل من تكاليف عملية التوصيل.
تكاليف عملية التوصيل هي الاستثمار الذي تضعه الشركة في المرحلة الأخيرة من عملياتها اللوجستية، التي ينتقل فيها الطرد من المستودع إلى الزبون النهائي. هذه العملية مفصلية فيما يتعلق برضى الزبائن. إدارة هذه العملية بشكلٍ صحيح تأتي بثمارٍ ترضي كلٍ من العميل والشركة. لكن إذا لم يتم العمل بها بشكل صحيح، تفقد الشركة مصداقيتها وسمعتها كما ستخسر الزبائن والأموال مما سيدفع بها نحو الهاوية بلا شك.
إرتفاع تكاليف التوصيل في الأعوام الماضية:
التغير والاتجاه الذي يتخذه سلوك المستهلكين، جعل شركات التوصيل والتجارة الإلكترونية حول العالم، تعمل على إرضاء زبائنها بمختلف الطرق، الأمر الذي جعل عملية الميل الأخير على قائمة أولويات شركات التوصيل، لأنها باختصار العملية اللوجستية الحاسمة. النمو في سوق التجارة الإلكترونية، ضاعف من الطلب على الميل الأخير. حجم الطلب الكبير على هذه العملية، زاد من صعوبة الحفاظ على الكفاءة في التوصيل.
التحدي الأكبر في عملية الميل الأخير هو السيطرة على التكاليف وتقنينها مع الإبقاء على الكفاءة العالية في التوصيل. الحل بسيط لهذه المعضلة، ويتمثل في اتباع أساليب عملية أساسية، والتأقلم مع إحتياجات الزبائن المتقلبة. تكاليف الشحن المرتفعة تقلل من المردود المادي مما يقلق أصحاب العمل. للتقنين من تكاليف الميل الأخير، لا بد من فهم العوامل المؤدية لارتفاع التكلفة.
ما هي تكاليف عملية التوصيل:
إذا لم يتم إدارة هذه العملية بفاعلية، ستشكل عبءً على كاهل الشركة. يمكن لهذه العملية أن تستهلك ما يصل إلى 41% من تكاليف سلسلة التوريد، وتستهلك ما قدره 53% من التكلفة الكلية لعملية الشحن. الحلول التكنولوجية العصرية لعملية الميل الأخير، تخفض من تكاليف شركات التوصيل، كما تساهم في تحقيق أرباحٍ مجدية.
أظهرت دراسة أجرتها شركة Statista المختصة بالإحصائيات عام 2018، أن معدل تكلفة عملية الميل الأخير جاء على النحو الآتي: تتكبد شركة التوصيل 10 دولارات مقابل كل عملية توصيل، ويدفع المستهلكون منها 8 دولارات، ولكن ما يرغب الزبون بدفعه على أرض الواقع هو 1.4 دولار. وقُدّر حجم سوق الميل الأخير وفقاً للدراسة ب30.2 مليار دولار. من الصعب التحكم بالعوامل التي ترفع تكلفة عملية الميل الأخير دون العمل على إدارتها باستخدام أدوات فعالة. هذه العملية مؤثرة بشكل مباشر على أرباح الشركة، والسبيل الوحيد للنجاة من هذه التكلفة الباهظة، هو وضع هذه العملية تحت المجهر، ودراستها، كما وإدارة المستودعات واستغلال موارد الشركة بالطريقة المثلى بالتعاون مع التكنولوجيا وما توفره من أدوات.
العوامل المؤدية لارتفاع تكاليف التوصيل:
مع هذا السباق المحتدم، الذي يعيشه قطاع التجارة الإلكترونية، من الصعب مجاراة توقعات المستهلكين. الزبائن في يومنا هذا، يريدون توصيلاً فائق السرعة، وبعضهم يرغب بوصول طرده بنفس اليوم، الأمر الذي يضع الشركة تحت ضغط هائل، ويجبرها على تحسين مسالك السائقين بإستمرار كما العمليات اللوجستية الأخرى، الأمر الذي سيزيد من التكلفة. تشير الدراسات إلى أن المستهلكين يرغبون دوماً بتوصيل مجاني، وأن المعظم مستعد لإلغاء الطلب إذا لم يكن يتضمن توصيلاً مجانياً. ومع ذلك نجد الشركات الناجحة التي تسير حسب رغبة الزبون وبنهاية المطاف تبيع وتربح رغم تعقيد هذه المسائل.
الميل الأخير عملية صعبة ومعقدة:
تعاني الشركات عالميا من موضوع الميل الأخير، الذي يتأثر كثيراً بمتغيرات السوق، كما يتأثر بحجم الشحنات والمسافات بين نقاط التوصيل. ديناميكية التوصيل تختلف من القرى إلى المدن ويجب أخذ هذا الإختلاف بعين الإعتبار حين إدارتها. حيث تكون نقاط التوصيل في القرى والأرياف بعيدة عن بعضها، عكس المدن التي تكون فيها قريبة، لكن التوصيل بالمدن يحكمه الاكتظاظ الذي يمثل تحدياً مما يسببه من تأخير وتعطيل للعمل. ومع النمو المتزايد في التجارة الإلكترونية، نرى أن هذه المعضلات قد تضاعفت وأدت إلى الإشارة لعملية الميل الأخير بالمعقدة والصعبة.
عمليات الشحن المتأخرة والمرتجعة:
لا مشكلة عند الزبائن الغاضبين بترك الشركة التي يتعاملون معها عندما يتعلق الأمر بطرودهم وتوقعاتهم. مثلاً إذا لم يحصل الزبون على توصيل في اليوم ذاته كما تم الإتفاق، يجبره إحباطه على اللجوء إلى شركة أخرى، مع وجود العديد من الخيارات بالسوق، يجد الزبون شركة بديلة تناسب احتياجه، وتفقد الشركة الأولى زبوناً بسبب طرد متأخر.
حتى في حال إتمام عملية التوصيل باليوم المتفق عليه، يبقى الزبون مترقباً للطرد ويضع التوقعات لوقت وصوله، مما يفسد جدول أعماله اليومية، الزبون هنا يبحث عن وقت وصولٍ دقيق، وليس منطقياً له أن لا يعلم وقتً متوقعا لوصول طرده ويبقى حبيس منزله منتظراً. كما ترافق المشاكل عدم وجود الزبون بالمنزل، إذ يُهدر الكثير من الوقت حين اضطرار السائق إلى تغيير مساره أو العودة إلى نقطة تسليم أخرى، مما سيرفع أيضاً من تكلفة العملية الكلية.
(6) طرق تعتمد عليها التكنولوجيا في تخفيض تكاليف عملية الميل الأخير:
إذا ما تمت إدارة العمليات اللوجستية بشكل صحيح توفر شركات التوصيل على نفسها الكثير من الوقت والمال والجهد كما وتحسن من عملية الميل الأخير وتطورها. نستعرض بعض الطرق التي تتبعها أنظمة إدارة عمليات التوصيل في تخفيض تكاليف الميل الأخير:
1- متابعة الأسطول
على شركات التوصيل دوماً، التأكد من شفافية عمل أسطولها وتحركاته عند قيامه بعمليات التوصيل. بإدراج أنظمة تكنولوجية ذكية وأتوموتايكية إلى العمل، ستضمن الشركة رقابة وتواصلً عالي الفعالية بين الإدارة والعمال الميدانيين، مما سيدفع بأداء عملية الميل الأخير نحو الأفضل، وعبرها ستتجنب الشركة مشكلات التأخير وغيرها. معرفة الإدارة بتحركات أسطولها سيضفي ميزة إبقاء الزبائن مطّلعين على حالة الطرد ووقت الوصول المتوقع. رضى الزبون مرتبط بنجاعة إدارة شركة التوصيل.
2- خاصية التواصل الحيّ
خاصية التتبع الحي تدعم الشركة بشكل كبير، حيث تبقي الإدارة على تواصل مع عمال التوصيل وتسمح بدعمهم بأمور مفصلية، مثل الأحوال الجوية وأحوال الطرق التي تساهم في تجنب أي تأخير في عملية التوصيل. مع هذه الخاصية تزوّد الشركة زبائنها بوقت الوصول المتوقع عبر التطبيق أو الرسائل النصية. تُبقي هذه الخاصية الإدارة على دراية بأداء موظفيها وفعاليتهم. تساهم هذه الخاصية في تخفيض تكاليف عملية الميل الأخير عبر تقنينها لإستهلاك المحروقات وتحسينها لأداء عامل التوصيل.
3- خاصية تحديد المسارات
هذه الخاصية مصممة لتحديد الطرق الأقصر مع إدراج أكبر عدد ممكن من نقاط التوصيل. على الشركات الأخذ بعين الاعتبار عوامل تحديد خط سير السائق، مثل، تكاليف المحروقات، إنتاجية السائق، المخاطر، اضطرارية الطرد وحجمه وغيرها. مع إدارة صحيحة للمسارات، باستطاعة الشركة إضافة طرود للسائقين خلال ثواني.
بالمقابل، عندما يزوّد السائق إدارته، بأحوال الطريق الذي يسلكه ونقاط الاكتظاظ، وكم من الوقت احتاج للوصول إلى نقطة معينة، تجري تحليل هذه البيانات واستخدامها لتطوير خط سيرٍ أفضل لباقي الأسطول، الذي بدورها تعلمه
الشركة بشكل حيّ، عن وجود اكتظاظ لتجنبه مثلاً، الأمر الذي سيصب في مصلحة العملية ويعجل منها ويقلل من مصاريفها. ومن مزايا هذا النظام، أنه يسهلّ عملية تحويل الشحنة إلى مركبة أخرى في حال تعطل المركبة التي تحمله.
4- زيادة التفاعل مع الزبون
يتزايد طلب المستهلكين حالياً، بإطلاعهم على حالة الطرد، وقدرتهم على التحكم بموعد ومكان وصوله. إذا تمكنت الشركة من إعطاء الزبون هذه الميزة، وسمحت له بالتواصل مع عامل التوصيل، ستستفيد هي أيضاً، حيث تتخلص حينها من مشكلة الطرود الراجعة. ويجب على كل الأحوال تزويد الزبائن بتحديثات حيّة حول الطرد عبر الإيميل أو المكالمات الهاتفية أو الطريقة الأمثل وهي الرسائل النصية.
5- إثبات التوصيل آلياً
على شركات التوصيل المحافظة على إثبات إرسال الطرد واستلامه، وتفاصيل حالة الطرد عند استلامه، كما ومتاحية الزبون وتفاصيل الدفع. هذه الإثباتات يمكن جمعها إلكترونياً عبر الملاحظات أو الصور أو الفيديو، ويتم تحميلها إلى النظام من قبل عامل التوصيل. والقدرة على جمع البيانات وتخزينها بالوقت الحيّ، تساهم في الإجابة على استفسارات الزبائن ومخاوفهم. الإثباتات الإلكترونية تساهم في التخلص من متاعب الأعمال الورقية التي تأخذ الوقت والجهد والمساحة في المكتب.
6- خاصية جمع البيانات وتحليلها
عبر جمع البيانات وتحليلها أوتوماتيكياً، تستطيع الشركة التعرف على نقاط ضعفها في عملية الميل الأخير، وتساهم بشكل مفصلي في التطوير المستمر لسلسلة التوريد. متابعة المعلومات مثل عدد المهمات المنجزة، ومعدل الوقت الذي احتاجته كل مهمة، والمسافة المقطوعة، والوقت الضائع كما والأميال المقطوعة في كل عملية، كلها عوامل تساهم في تطوير الميل الأخير ومعرفة قدرات وفعالية عمال التوصيل.
هذه المعلومات يمكن إستخدامها على مستوى الإدارة أو على مستوى موظف التوصيل. يمكن تصنيف هذه المعلومات بخانات مختلفة، يومية وأسبوعية وشهرية، أو حتى تصنيفها بالساعات. تساعد هذه التصنيفات في الإجابة على العديد من التساؤلات، مثل:
– لماذا يتفوق بعض عمال التوصيل على زملائهم؟
– هل توجد أيام معينة بالأسبوع يمكن خلالها إتمام عمليات التوصيل بشكل أسرع؟
– هل توجد ساعة محددة في اليوم تكون فيها عمليات التوصيل معقدة وصعبة؟
– هل توجد طريقة لتعديل خطوط السائقين ليتجنبوا ساعات الازدحام؟
يمكن من خلال هذه الخاصية عمل التقارير ودراستها بهدف التطوير. عبر تحليل هذه البيانات الدقيقة، تستطيع الشركة اتخاذ قراراتها بثقة، مما سيحسن من إنتاجيتها وسيخفّض من تكاليفها.
تشير الدراسات إلى أن ما نسبته 46.8% من التجار والبائعين في العالم، يخططون أو شرعوا فعليا بالتعاقد مع أنظمة إدارة التوصيل الذكية، ليتمكنوا من النمو والاستمرار في هذا المجال الذي كبر وكبرت معه تحدياته.
كل ما تحتاجه شركات اللوجستيات من أجل التقليل من تكاليف عملية التوصيل الأخيرة، هي خصائص تكنولوجية متقدمة مجتمعة في نظام واحد، تساعد الشركة في تخطي أي محنة وتجنبها، هذا المستقبل وهذه متطلباته.
تواصلوا مع لوجستكس لمعرفة المزيد حول أنظمة إدارة عمليات الشحن وحلولها.